موضوع تعبير عن صلاح الدين الأيوبي يُعتبر الوسيلة المُثلى لتعريف الجيل الناشئ والصاعد بهذا البطل الذي حفر اسمه بحروفٍ من ذهب في التاريخ العربي والإسلامي على حدٍ سواء، فمن هو صلاح الدين؟ وما هي أبرز أعماله التي جعلته يصل إلى هذه المكانة؟ كُل ذلك وأكثر سنتعرف إليه فيما يلي.
مُقدمة موضوع تعبير صلاح الدين الايوبى
فور الحديث عن شخصٍ شُجاع، مقدام ومُحارب هُناك العديد من الأمثلة في أذهاننا، وهُناك العديد من الأسماء التي نراها تلمع وتبرز، ومن أبرزها اسم البطل العربي صلاح الدين الايوبى، فعلى الرغم من عدم إلمام شريحةٍ كبيرةٍ منا بأعماله وبطولاته إلا أن ليس هُناك من لم يسمع به على مدار حياته تقريبًا.
تاريخ الميلاد | 532 هـ / 1138 م في تكريت |
تاريخ الوفاة | 589 هـ / 1193 م في دمشق |
فترة الحكم | 567 – 589 هـ / 1174 – 1193 م |
نشأة البطل المغوار
الأيوبي هو صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان بن يعقوب الدُويني وهو ابن المدينة العراقية تكريت، لذا عُرف لدى البعض باسم التكريتي، والجدير بالذكر أن أصله في المقام الأول يرجع هو والأيوبيين إلى أيوب بن شاذي بن مروان، وهو من أهل المدينة الأرمينية دوين.
في واقع الأمر هُناك العديد من الاختلافات التي تضاربت في أصل أيوب بن مروان، ولكن الرواية الأرجح والتي جاءت على لسان ابن الأثير في مؤرخاته جاء فيها أنه كُردي الأصل والنسب من الأكراد الروادية، وهُم من الهذبانية.
قد قيل إن أيوب بن شاذي ترعرع في قرية أجدانقان في دوين التي يقطنها الأكراد، ولكنه سُرعان ما ارتحل إلى بغداد وبعدها تكريت، ومن هُنا نشأ النسل الذهبي الذي وصل إلى خيرته بولادة صلاة الدين الأيوبي، وقد جاء في العديد من الكُتب التاريخية والمراجع كونه وُلِدَ بين عامي 1137 – 1138م.
الجدير بالذكر أن بعض ملوك الأيوبيين وبني أيوب يرفضون هذا النسب رفضًا قاطعًا ويُصرون على كونهم من العرب، ولكنهم نزلوا إلى الأكراد وتزوجوا منهم، فأيوبيو دمشق أثبتوا كون نسبهم يرجع إلى عرب بني مُرة بن عوف القُرشيين في غطفان أكبر قبائل العرب في الجاهلية وصدر الإسلام.
في واقع الأمر ما يهُمنا هو موضوع صلاح الدين الايوبى نفسه وليس النسب والنسل، فبعد أن أنار صلاح الدين الايوبى الدُنيا بطلته البهية انتقل والده نجم الدين إلى بعلبك ليكون واليًا عليها، ما يعني أن صلاح الدين في المقام الأول يُعتبر من نسل الحُكام والقادة، وبعد أن قضى فيها الأيوبي ووالده سبعة أعوامٍ ارتحلا إلى دمشق.
تُعتبر دمشق من أحب البلاد التي قضى فيها صلاح الدين حياته وطفولته، فحتى فترة شبابه أمضاها في البلاط الملكي للملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق.
إقرأ أيضا:حكمة مدرسية عن التنمر للإذاعة بالعربية والإنجليزية 2025لا يفوتك أيضًا: تعبير عن صلاح الدين الأيوبي
الخلفية العلمية للأيوبي
على الرغم من قلة المصادر التي تمكنت من وصف حُب صلاح الدين الايوبى والتعبير عنه لدمشق إلا أن هُناك إجماع عن كونه قد عشق دمشق عشقًا لم يعشقه لبلادٍ غيرها ولم يعشقه أحدٌ لهذه البلاد قط.
بالاطلاع على ما جاء في هذه المصادر التاريخية المُبعثرة فيما يخص موضوع نشأة صلاح الدين الايوبى نعلم أنه قد تلقى في دمشق علمًا واسعًا، ومن الجدير بالذكر هو كون هذا الفتى حينها واحدًا من أكثر الفتية المُتميزين والمُبدعين في دراسته.
فبرع فيها للحدِّ الذي جعل بعض المؤرخين في عصره يصفونه بكونه عالمًا في الرياضيات المجسطية، علوم الرياضيات والحساب، الهندسة الإقليمية بالإضافة إلى الشريعة الإسلامية التي اعتبرها صلاح الدين مرجعه الأول ودافعه الوحيد في انتهاج كُل ما قام به مُستقبلًا.
الكثير من المصادر التاريخية حاولت التعبير عما في صلاح الدين الايوبى من حُبٍ تجاه دينه وشريعته الإسلامية، فالشغف الذي كان في قلبه لا يُضاهيه شغف، فقرأ في فقه الدين الكثير ونهل من نهر علومه ما لم ينهله إلا القليل مما جاؤوا قبله أو بعده.
لكن أكثر ما أثار إعجابه وفضوله على حدٍ سواء فيما تم تناقله من نصوص دينية من الحديث والسُنة وغيرها من الأقاويل الواردة على لسان الصحابة والخُلفاء الراشدين هي فكرة الجهاد في سبيل الله والخطط العسكرية التي كان المُسلمون يستخدمونها في حُروبهم وغزواتهم وخاصةً سيفُ الله المسلول الأمير خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه.
إقرأ أيضا:انواع ما في اللغة العربية 2025فأحب صلاح الدين العلوم العسكرية وتفقه فيه، كما عُرف عنه حُبهُ الشديد لما جاء في التاريخ العربي في صدر الإسلام وبعد قدوم دين الحق من أبياتٍ شعرية وقصائد نثرية، والجدير بالذكر أنه حفظ ديوان الحماسة الذي كتبه أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث الطائي أحد أُمراء البيان عن ظهر قلب.
كما اهتم بعلوم الفروسية وأحب الخيول العربية المُطهمة حُبًا جمًا، لدرجةِ أنه قد عرف منها أنقاها سُلالةً ودمًا.
بداية الحياة العسكرية
عاش صلاح الدين الايوبى في دمشق سنينٍ طوال، فبعد أن أنهى تعليمه انضم الشاب اليافع آنذاك إلى جيش عماد الدين زنكي الحاكم الأقوى للشمال السوري على الإطلاق وفقًا للعديد من المصادر وآراء المؤرخين، والجدير بالذكر أن الأيوبي كان تابعًا في الجيش لعمه القائد أسد الدين شيركوه.
بعد فترةٍ قصيرة من انضمام صلاح الدين للجيش خرج وعمه إلى مصر في رحلةٍ عسكرية كان الهدف الأول والأخير منها خدمة نور الدين زنكي ووريثه، وبسبب البراعة التي أظهرها الأيوبي في ساحة المعركة ودهائه العسكري في استراتيجيات الحرب لم يلبث حتى تم اختياره بالإجماع قائدًا لقوات نور الدين الزنكي في مصر عام 1169م بعد وفاة عمه.
الجدير بالذكر أنه كان واحدًا من أصغر قادة الجيوش حينها وفي التاريخ بشكل عام، فلم يكن قد تخطى بدايات عقده الثالث حينها، وبعد أن سيطرت القوات الزنكية على مصر بعث الملك عموري حاكم بيت المقدس طلبًا للحملة الصليبية عبر رُسله، وذلك خوفًا من تغير موازين القوى في المنطقة ككل.
استجاب البابا إسكندر الثالث بابا الكنيسة الكاثوليكية آنذاك لطلب الملك عموري وعمل على جمع ملوك أوروبا الذين لم يُعيروا له اهتمامًا في واقع الأمر ما عدا الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل كومنينوس الذي رأى في هذا الطلب فُرصة للتعاون مع ملك بيت المقدس في سبيل احتلال مصر، وهي الفُرصة التي رأى أنها لا تُعوض بسبب انشغال نور الدين في مشاكله وصراعاته الداخلية.
ناهيك عن كونه لم يرى صلاح الدين الايوبى حاكمًا عسكريًا مُحنكًا، وفور معرفة صلاح الدين الايوبى بهذه الرغبات والأطماع عمل على توحيد صفوف الجيش، وكانت الخطوة الأولى التخلص من الحرس الخاص بقصر الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله، واستبدله بحُراسٍ موالين له.
لا يفوتك أيضًا: صور ومعلومات عن قلعة صلاح الدين الأيوبي
اشتباك الأيوبي بالأسطول الصليبي
تأخرت الحملة الصليبية ما لا يقل عن ثلاثة أشهر عن الموعد الذي كان من المُفترض أن تتوجه فيه هذه الحملة إلى مصر، ويرجع السبب في ذلك إلى عدم حماسة البارونات والأُمراء الصليبيين بعد أن هُزِموا هزيمةً نكراء في معركتهم الأخيرة.
لكن فور وصول الصليبيين إلى مصر عملت القوات على حصار مدينةِ دمياط طمعًا في احتلالها، وفور معرفة صلاح الدين الايوبى بهذا الموضوع أمر بإرسال القوات بقيادة شهاب الدين محمود بالإضافة إلى ابن أخيه تقي الدين عُمر، وعلى الجانب الآخر أرسل نور الدين زنكي رسالةً أظهر فيها ضعفه وهمه ليقول بكل ما فيه من مخافة لصلاح الدين:
“إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية” كما أتبع قائلًا “إني لأستحي من الله أن أبتسم والمسلمون محاصرون بالفرنج”
فمن ناحيته أمر نور الدين الزنكي قواته في بلاد الشام بشن الغارات على الحصون التي تعود ملكيتها للصليبيين في سبيل تقليل ضغط هذا الزحف الصليبي على مصر وخاصةً مدينة دُمياط، وعملت حامية دمياطٍ على الدفاع عن أراضي المدينة، وقامت برمي سلسلةٍ ضخمة الحجم في المياه في إطار منع الأسطول البحري للصليبيين من الوصول إلى دمياط.
كما شاء الله حينها أن تهطل أمطار الخير لتنصر المُسلمين والمُحاصرين، وهذه الأمطار الغزيرة أغرقت المُعسكر الصليبي لدرجةٍ تحول فيها إلى مُستنقع من المياه الضحلة والراكدة، فما كان من جنود الحملة الصليبية إلا أن لاذوا بالفرار، مع العلم أن هُناك عاصفةٌ بحرية قامت وأغرقت أكثرهم.
توسع هيمنة صلاح الدين
بعد انتهاء الحصار الصليبي وإعلانه الفشل التام لاحق صلاح الدين وجيوشه ما تبقى من الجيش الصليبي الذي لاذ بالفرار شمالًا حتى وصل إلى مدينة دير البلح في بيت المقدس عام 1170م، وهُناك حاول الملك عموري الأول وحاميته من فُرسان الهيكل وجنود معبد سُليمان عليه السلام التصدي لصلاح الدين.
لكن الأيوبي استطاع تفادي الجيش الصليبي وعمل على تحويل مسيرته إلى غزة حيث دمر هُناك ما بناه الصليبيون من مُدنٍ خارج المدينة، ووفقًا لبعض المصادر التاريخية عمل صلاح الدين على فتح قلعة إيلات التي كان قد بناها الصليبيون على خليج العقبة.
فعلى الرغم من عدم تهدديها للإسلام إلا أن جنودها كانوا في بعض الأحيان يعملون على اعتراض السُفن وبعض القوارب التجارية في البحر، وبهذه السلسلة من الانتصارات ثبت الزنكيون أقدامهم في مصر، وكانت الدولة الفاطمية على مشارف لفظها لأنفاسها الأخيرة.
بداية الصراع الأيوبي الزنكي
كان صلاح الدين الايوبى شديد التعبير عن تأييده ودعمه للخلافة الفاطمية، وكان يأمر بالدُعاء في المنابر إلى الخليفة الفاطمي، وهو ما أثار حفيظة نور الدين الزنكي، فأرسل الزنكي أمرًا لصلاح الدين طالبًا منه إيقاف الدُعاء للخليفة الفاطمي والتوجه بالدُعاء إلى الخليفة العباسي في منابر مصر.
رفض الأيوبي الامتثال إلى أوامر نور الدين، فكُل ما كان ينقص صلاح الدين الايوبى موضوع السُلطة للتعبير عن أفكاره وإظهارها، وفور حصوله على مُبتغاه عمل بكُلِ ما لديه من قوة على التصدي للقوة والنفوذ الشيعي والعمل على ترسيخ أُسس الدين الإسلامي سُني المذهب الذي لا يقتدي إلا بكتاب الله الحكيم وسُنة نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا يُعتبر السبب الرئيسي في رفضه أمر نور الدين الزنكي بالدُعاء للخليفة العباسي، فالدولة العباسية كان أكثر حُلفائها من أهل الشيعة، وهُنا خاف صلاح الدين من توسع النفوذ الخاص بالشيعة، وعمل قدر المُستطاع على تأخير الاستجابة لهذا الطلب.
اعتبر نور الدين الزنكي هذا عصيانًا للأوامر وهدد بمجيئه بنفسه إلى القاهرة في حال ما لم يمتثل له صلاح، لذا أعلن السماح بشكل غير مُباشر بالدُعاء للخليفة العباسي، وفي واقع الأمر لم يجرؤ أحد على القيام بذلك في البداية حتى قام أحد الشيوخ من المذهب السُني القادمين من مدينة الموصل في العراق بالدُعاء للخليفة العباسي والخُطبة فيه من داخل المسجد الأزهر.
حذت القاهرة كُلها حُذوه بعدها، وفي نفس هذا الوقت كان العاضد لدين الله الخليفة الفاطمي على فراش الموت، وفي واقع الأمر كان ميتًا بالفعل بالنسبة للشعب فلم يكن له منهم إلا الدُعاء، ولم يلبث طويلًا حتى فارق الحياة بالفعل.
لا يفوتك أيضًا: هل تعلم عن صلاح الدين الأيوبي قصير للإذاعة المدرسية
الأيوبي سُلطانًا لمصر
بمرور الوقت وعلى إثر وازدهار اسمه وانتشاره بين الناس تم تعيين الأيوبي بعد انهيار الخلافة الفاطمية ووفاة آخر الخُلفاء وزيرًا للخلافة في مصر التي كانت تتبع الحُكم العباسي في عام 1171م بعد عامين فقط من قيادته للجيش وانتصاره على الصليبيين في أولى المعارك التي جمعتهُما.
أصبح صلاح الدين حاكمًا فعليًا لمصر ليس لأحدٍ فيها كلمةً ولا رأيًا سواه، وعمل على نقل أُسرته من الشام إلى مصر حتى يكونوا في جواره أعوانًا مُخلصين له، وهُنا أُعلن بشكل رسمي ونهائي عن زوال الدولة الفاطمية وسقوطها بعد أن استمرت ما يُقارب 262 عامًا تقريبًا.
ركز صلاح الدين الايوبى على جعل مصر دولة مُستقلة بذاتها بعد زوال الدولة الفاطمية، وفي سبيل ذلك عمل على نيل محبة أهل مصر بشكلٍ كبير، وعمل على عزل كافة القُضاة من أهل الشيعة واستبدالهم بالشافعيين من أهل سُنة الحبيب المُصطفى.
كما عمل على إزالة أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي وألغى بشكل نهائي كافة مجالس الدعوة، وقام على إلغاء صيغة الأذان الشيعي التي كان يُقال فيها “حي على العمل مُحمدٌ وعليٌّ خير البشر“.
كما أمر بالدُعاء في الخُطبة الخاصة بصلاة الجُمعة لكافة الخُلفاء الراشدين أبو بكر الصديق، عُثمان بن عفان، علي بن أبي طالب وعُمر بن الخطاب رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين.
تغيرات أحدثت الفارق
عمل صلاح الدين على تأسيس مدرستين كبيرتين في الفُسطاط يحملان اسم الناصرية والكاملية، اختصت هذه المدارس في المقام الأول بترسيخ وتثبيت المذهب السُني في البلاد، فكان يتم تعليم الطُلاب كافة علوم الفقه والشريعة وفقًا للمذهبين المالكي والشافعي على حدٍ سواء.
كافة هذه القرارات عملت على زيادة مخاوف نور الدين زنكي بسبب تزايد قوة صلاح الدين غير المعهودة مما سبقوه من قادةٍ للجيوش، ما أشعل خلافًا بينهما وصل إلى قمته وأوجه في عام 1172م عندما اتفق كُل من صلاح الدين الايوبى ونور الدين زنكي على حصار قلعتي الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن.
لكن عاد الأيوبي إلى مصر قبل مُلاقاة زنكي خوفًا من أن يعزله من منصبه، كما أنه تخوف من تمهيد الطريق لنور الدين إلى القاهرة، وعلى عكس ما هو متوقع لم يقم نور الدين زنكي بأي تحرك عسكري، ولكن طالبه بإعادة 200,000 دينار، فما كان من الأيوبي إلا أن أعاد منها 60,000 دينار وارفق معها خيلًا عربيًا أصيلًا، وبعض الجواهر.
خلال رحلة إعادة الدنانير الذهبية استغل صلاح الدين الايوبى مروره بما يستوطنه الصليبيون من أراضٍ شامية وأغار على بعض المعاقل التي يقطنها البدو في الصحراء في سبيل منع الصليبيين من فُرصة الاستعانة بالمُرشدين في الذين لهم القدرة على إرشاد الصليبيين إلى مصر وما يُجاورها من أراضي المُسلمين.
في غضون فترة تواجد صلاح الدين في الشام لقي والده مصرعه مُتأثرًا بما أصابه من جراحٍ بعد امتطاء جواده الخاص، واستمرارًا لقائمة التغييرات الطارئة تم الإعلان عن استيلاء عبد النبي بن مهدي على حصون اليمن.
لكن سُرعان ما أرسل صلاح الدين شقيقه توران شاه، وقد قتل بن مهدي، وفور الإعلان عن عودة اليمن للسُلطة المصرية أعلنت الحجاز انضمامها إلى السُلطة والجانب المصري أيضًا.
انقلاب السحر على الساحر
تزايد رقعة النفوذ الخاصة بصلاح الدين الايوبى تسببت في نهاية المطاف في غضب نور الدين زنكي إلى حدٍ كبير، ويُمكن القول إن اليمن كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، وحسب المؤرخين رأى نور الدين في عام 1174م أن الطريقة المُثلى للتعامل مع الأيوبي ستكون حشد الجيوش وإعلان الحرب ضده في سبيل خلعه.
في سبيل تطبيق زنكي لحملته على صلاح الدين أعلن في منابر الموصل، ديار بكر والجزيرة الفراتية حثه وطلبه للرجال المُجاهدين في سبيل الله لنصرة واليهم، لكن وكما يُقال تسري الرياح كما لا تشتهي السُفن، ففي يوم الخامس من شهر مايو لنفس العام يلقى زنكي مصرعه إثر إصابته بالذبحة الصدرية.
بمُجرد وفاة نور الدين زنكي أصبح لصلاح الدين الايوبى السُلطة الكاملة على مصر، فاستقل سياسيًا عن كُل الفصائل، كما يُقال إنه في هذه الليلة أقسم بالله أن لأن يُصبحنَّ سيفًا لله مسلولًا على أعدائه وأعداء الدين الإسلامي الحنيف الذي يرجع في أصله إلى القُرآن الكريم والسُنة النبوية الشريفة ليس إلا.
أمسى الأيوبي صلاح الدين يترأس أقوى السُلالات الحاكمة بدين الله حينها وهي السُلالة الأيوبية، وهو السبب الرئيسي في تسمية المؤرخين المناطق والدول التي خضعت لحُكمه باسم الدولة الأيوبية.
في هذه الفترة تولى الصالح إسماعيل مقاليد الحُكم خلفًا لوالده نور الدين زُنكي، مع العلم أن الصالح كان يبلغ من العمر أربعة عشر ربيعًا فقط ليس إلا، وهُنا ضرب القدر موعدًا مع صلاح الدين عندما نُقِلَ الصالح إلى حلب وسيطر سعد الدولة كمشتكين على المدينة.
حقبة عامرة بالفتوحات
حتى الآن لا يُعتبر ذلك أمرًا يدعو للتدخل، ولكن زادت المطامع التوسعية لكمشتكين، وهُنا كان الفتح الكبير الأول لصلاح الدين هو فتح دمشق، وهي خطوةٌ لم يكن يرغب صلاح الدين بالقيام بها في المقام الأول لسببين.
السبب الأول هو خوفه من ترك مصر عُرضةً لهجمات الصليبيين والبيزنطيين عبر البحر والبر، أما السبب الثاني هو كون دخوله دمشق لمُحاربة الصالح إسماعيل سيكون بمثابة نُكرانٍ لجميل والده نور الدين زنكي عليه، ولكن نقله الصالح إلى حلب كان بمثابة قُبلة الحياة للأيوبي.
هُنا كاتب شمس الدين بن المُقدم سيف الدين غازي بن قطب الدين أمير الموصل وابن عم الصالح إسماعيل طالبًا منه التدخل، ولكنه أبى، فما كان من شمس الدين إلا أن كاتب صلاح الدين الذي لم يُفكر لحظة في حشد جيشٍ كثيف وصل تعداده إلى 700 خيال من خيرة خيالي العرب والمُسلمين حينها.
في طريق صلاح الدين إلى دمشق ازداد جيشه بأمراء العرب وجموع الكرد بالإضافة إلى بدو “سيماهُم في وُجوههم” كما جاء على لسان الأيوبي نفسه، وفتح دمشق لم يكن بالأمر الصعب، فوصول صلاح الدين إلى دار أبيه المعروفة باسم الشريف العقيقي واجتماع الناس فرحًا أعلن نهاية الحرب والصراع على فتح دمشق قبل بدئه.
بعد وصول صلاح الدين الايوبى بأربعة أيامٍ إلى معشوقته دمشق صعد إلى قلعتها وتسلمها من نائبها الطواشي جمال الدين ريحان، وبعدها عين صلاح الدين أخاه سيف الإسلام ضغتكين نائبًا على دمشق، وبدأت سلسلة من الفتوحات الداخلية للشام بين حماة، حمص والأنظار كُلها اتجهت نحو حلب.
في نهاية المطاف أصبحت مناطق عِدة في قبضة صلاح الدين الذي أصبح سُلطان مصر والشام خاصة بعد إسناد الخليفة العباسي في بغداد الخلافة له على مصر، المغرب الأدنى، النوبة، الحجاز، سوريا الوسطى، تُهامى بالإضافة إلى فلسطين.
انتصار الأيوبي الأعظم أحب
عمل صلاح الدين الايوبى على التوسع وسعى له سعيًا كبيرًا، وفي الوقت الذي حاصر فيه صلاح الدين الايوبى حلب موطن الصالح إسماعيل الذي اتهم الأيوبي بالخيانة والخِسة وعمل على قلب الناس عليه حصارًا دام طويلًا.
أثناء هذا الحصار نشأت بين الزنكيين والأيوبيين معارك عِدة على الرغم من انتصار صلاح الدين في حماة، والموقعة الأخيرة بين الجيشين كانت في فصل الصيف من عام 1176م، وحينها استعد صلاح الدين أتم استعداد لدرجة أنه سحب كافة جيوشه تقريبًا من مصر.
على الناحية الأخرى جمع سيف الدين غازي رجال المناطق التي يُسيطر عليها مثل ديار بكر وقُرى الجزيرة الفراتية وبلداتها، والتقى الجيشان في تل سلطان على بُعد 25 كيلومترًا تقريبًا عن مدينة حلب، وكان الأيوبيون على وشك الخسارة بعدما دحر الزنكيون ميسرة الجيش الأيوبي.
فما كان من صلاح الدين إلا أن تقدم بنفسه وأعمل فيهم السيف، وهو ما أثقل من كفة الأيوبيين وزرع الخوف في قلوب الزنكيين مُعلنًا خسارتهم وبعد استئناف حصار حلب تم التوصل إلى عقد هُدنة تضمن اعتراف حلب بسُلطة صلاح الدين الايوبى مُقابل عتقه للأسرى الزنكيين، وقد كان.
وجه صلاح الدين أنظاره نحو فلسطين التي كان يُعاني بسببها كثيرًا، ففي بيت المقدس أصبح بلدوين الرابع بن عموري ملكًا، وهذا الشاب شن العديد من الغارات على مصر، وبعد سلسلةٍ من الكر والفر ومرحلةٍ كان فيها من الحروب الكثير وصل الطرفان إلى هُدنة، ولكن مات بعدها بلدوين الرابع.
خلف بلدوين الرابع شقيقه الخامس الذي خرق الهُدنة وخرقها مع صلاح الدين، ووقعت معركة حطين التي تُعتبر أشهر معارك صلاح الدين الايوبى على الإطلاق، وفيها توجه جيش الأيوبيين باكرًا إلى ساحة المعركة وسيطروا على ينابيع المياه، فلم يبق للصليبيين غير الخمر.
فحارب الكثير منهم الأيوبيين وهُم سكارى، ولقوا في النهاية خسارة شنعاء سيطر صلاح الدين على بيت المقدس على إثرها.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن القدس الشريف
خاتمة موضوع صلاح الدين
عُرف عن صلاح الدين كونه وعلى الرغم من شدته في الحرب حاكمًا طيب القلب عادلًا بين الناس، وبلا شك يُعد واحدًا من أبرز الحُكام في التاريخ، فهو صاحب الفترة الانتقالية الأصعب من الدولة الفاطمية إلى العباسية، وفي كُلِ كتابٍ عن الانتصارات له فيه أبوابٌ عِدة.