موضوع تعبير عن بر الوالدين هو من المواضيع التي تهدف في المقام الأول إلى التوعية بضرورة التخلق والتحلي بهذه الخصال الجميلة والطباع العظيمة، فما لنا في الحياة الدُنيا إلا رضا الله ورضا الوالدين حتى نُفلح وننجح، وفي مُحاولةٍ منا لإحياء هذه السمة التي أوشكت على الاضمحلال كتبنا هذا الموضوع.
مُقدمة عن بر الوالدين
بر الوالدين يُعتبر واحدًا من المُصطلحات التي تشيع وتنتشر في الدين الإسلامي الحنيف وبين المُسلمين دونًا عن غيرهم، فهو من صور الأفعال والأخلاق التي حثنا عليها الله تبارك وتعالى وأوحى للهادي البشير مُحمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم بنشرها والترغيب في التحلي بها.
لا يفوتك أيضًا: موضوع تعبير عن عيد الأم وبر الوالدين
تعاملٌ يُعبر عن الفطرة السليمة
لا يُمكن التعبير عن بر الوالدين إلا بوصفه أنه واحدًا من الصفات الغريزية التي يولد بها الإنسان ويُفطر، فمن يُحافظ على فطرته السليمة من المُستحيل أن يحيد عن طريق بر الوالدين والسعي في إسعادهما، مُساعدتهما ومُحاولة تقليل عبء الحياة عنهما.
فعلى الرغم من كون هذا العمل من صور الأعمال التي يوصي بها الدين الإسلامي بشكل مُكثفٍ عن غيره من الأديان وحتى التشريعات والأعراف إلا أن التعامل مع الأبوين والإحسان لهُما لا يُمكن أن يكون بسبب تعاليم الدين فحسب، فهذه التعاليم الهدف الأول والرئيسي منها منع من يتمادون في التعامل مع أهلهم بسوءٍ وليس العكس.
إقرأ أيضا:ما هو جمع الخيال في اللغة العربية 2025الجدير بالذكر أن الترغيب يُعتبر واحدًا من الأساليب الذكية والفارقة في واقع الأمر في الشريعة الإسلامية، ففي الكثير من الأحيان لا يقوم المرء بعملٍ ما لكونه يرغب فيه أو مُجبرٌ على القيام به، ولكن المُقابل ونظير هذا التعامل هو ما يُحرك فئةٍ ليست بالقليلة من الناس، والله تبارك وتعالى قد وعد من يبرون والديهما بجنات النعيم خالدين فيها.
على الجانب الآخر نجد أن البعض يلتزمون بالقيام بشيءٍ ما خوفًا من العقاب وليس طمعًا في الثواب، وعذاب جُهنم ليس كمثله عذابٌ أو عقاب، وعلى الرغم من ذلك لا بُدَّ وأن يكون الدافع الرئيسي والأساسي في التعامل مع الأبوين نابع عن الحُب.
هذا الشعور هو ما سيُدخله الله في قلبك في حال ما أطعتهُما خوفًا من عذابه وطمعًا في ثوابه حتى وإن كُنت تواجه مشقاتٍ في القيام بذلك، مع مرور الوقت ستُحب كونك بارًا بوالديك وستعلم علم اليقين أنهما لا يستحقان منك إلا التعامل بالرفق، اللين والإحسان إليهما ما استطعت.
إجلال ذو الجلال لبر الوالدين
يُعتبر بر الوالدين من أكثر ما شدد عليه الله سُبحانه وتعالى بقوله العظيم في كتابه القُرآن الكريم، لدرجةِ أنه أقرن ذو الجلال والإكرام بين هذه الخصلة الحميدة والجميلة وبين عبادته وحده دون شريك، إذ قال في الفُرقان:
إقرأ أيضا:تخصصات جامعة جدة في السعودية 1446 وشروط القبول 2025{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [سورة الإسراء: الآية رقم 23].
من هذا التعبير عن بر الوالدين يُمكنك أن تستشعر مدى عظمة التحلي بهذه الخصلة، ومدى إعلاء الله وتعظيمه للأفعال التي تنم عن كونك مُطيعًا لوالديك بارًا بهما ومُحبًا لهُما، فما هو الصعب في طاعة الأبوين؟ وما هي الطلبات التعجيزية التي يطلبونها منك؟
في واقع الأمر لو بلغت طلباتهم عنان السماء لن تتمكن من رد جميلهم عليك، فأنت لم تبلغ ما أنت عليه الآن إلا بفضلهما بعد الله تبارك اسمه وتعالت صفاته، وقد قال خالقنا وبارئنا في كتابه الحكيم:
{وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [سورة لُقمان: الآية رقم 14].
الأُمُ هي من حملتك في جوفها على الرغم من نهشك كجنينٍ في أحشائها والتسبب في إصابتها بالألم والضرر، الأُم هي من تسهر الليل وتجعل أولويتها راحتك وسلامتك حتى وإن جار ذلك على راحتها، فبئس الابن ذاك الذي يُنكر فضل أبويه حينما يصل إلى مرحلةٍ يُمكنه الاعتماد على نفسه فيها بسببهما في المقام الأول، وبسببهما وحدهما.
إقرأ أيضا:مشروع بحث للمدارس الثانوية الزراعية كامل 2025أبواب البر وأنواعه
بر الوالدين هو تعبيرٌ يشمل كافة أبواب البر والخير، ولا يقتصر ذلك على التعامل برفقٍ ولين، فهذا الطبيعي، فأنت تتعامل مع الغُرباء في الشارع باحترامٍ وحتى خوف في الكثير من الأحيان.
فما بالك بمن تهيأت الجنة تحت أقدامهم ولا يدخلها إلا من رضوا منهم عنه بعد رضا الله سُبحانه وتعالى في المقام الأول؟ كيف لك أن تعصي لهم أمرًا؟
لذا التزم ببرهم واعمل على إسعادهم والإحسان لهم، واسلك في سبيل نيل رضاهم كُل دربٍ مُمكنٍ وغيرُ مُمكن، وقد جاء على لسان ذي النون المصري ثوبان بن إبراهيم أنه قال:
“بر الوالدين بحسن الطاعة لهما ولين الجناح وبذل المال، وبر الولد بحسن التأديب لهم والدلالة على الخير، وبر جميع الناس بطلاقة الوجه وحسن المعاشرة“.
في قول ذي النون أعلاه تعبيرٌ كامل لبر الوالدين من صوره، أنواعه وأبوابه، فبر الوالدين حسبما جاء على لسانه ليس بمُحدد ولا يختص بفعل أمرٍ واحدٍ فحسب، فالبر يجب أن يشمل حُسن الطاعة، الرفق واللين، بالإضافة إلى بذل المال وحتى التعامل معهم بكل أدبٍ وحِرصٍ على الخير.
اعمل على نصح من هُم أصغر منك سنًا، وابدأ بنفسك وتعامل مع والديك كما تُحب أن يُعاملك أبناؤك في المُستقبل، وتذكر دائمًا أن “كلُّ ساقٍ سَيُسقى بما سقى، ولا يظلم ربك أحداً“.
خُلُقٌ يحُثُ عليه صاحب الخُلُقِ العظيم
في الدُرر النبوية الشريفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم العديد من الأحاديث التي يُمكن اعتبارها من أعظم وأجمل كنوز الدُنيا، فهي إرثه الخالد الذي تركه لقومه من بعده، وقد جاء فيها العديد من الأحاديث التي اختصت بالحديث عن موضوع بر الوالدين دونًا عن غيره لأهميته.
الجدير بالذكر هُنا أن رضا الله من رضا الوالدين، ويُضاهي هذا الفعل في فضله وثوابه أكبر الأعمال وأفضلها، وقد رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكثر من الجهاد في سبيل الله بالنفس والبدن، فقد جاء في صحيح مُسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهُما أنه قال:
“أَقْبَلَ رَجُلٌ إلى نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ فَقالَ: أُبَايِعُكَ علَى الهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، أَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ، قالَ: فَهلْ مِن وَالِدَيْكَ أَحَدٌ حَيٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلَاهُمَا، قالَ: فَتَبْتَغِي الأجْرَ مِنَ اللهِ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَارْجِعْ إلى وَالِدَيْكَ فأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا” [صحيح المسند]، وفي روايةٍ أُخرى قيل إن نبي الهُدى مُحمد بن عبد الله قال: ” فَفِيهِما فَجَاهِدْ“.
كما جاء في حديث الألباني برواية مُعاوية بن جهامة السلمي رضي الله عنه وأرضاه في صحيح النسائي أنه قال:
“أنَّ جاهِمةَ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، أردتُ أن أغزوَ وقد جئتُ أستشيرُكَ؟ فقالَ: هل لَكَ مِن أمٍّ؟ قالَ: نعَم، قالَ: فالزَمها فإنَّ الجنَّةَ تحتَ رِجلَيها” [صحيح المسند].
لا يقتصر فضل طاعة الأبوين على الثواب في الحياة الآخرة، بل أن التوفيق في الدُنيا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالقيام بهذا الفعل والتحلي بهذه الخصال.
فكم من أشخاصٍ نعرفهم هلكوا بسبب تعاملهم الجافي وإهانتهم القاسية لآبائهم، وكم من حياةٍ فسدت بسبب ذلك؟ لذا علينا أن نُحدث التغيير ونجعل موضوع بر الوالدين نُصب أعيننا وعلى ألسنتنا في كُل موقفٍ يستدعي في الأمر ذلك.
بر الوالدين لا يقتصر على الحياة الدُنيا
بر المُسلم والمؤمن الحق لوالديه يجب أن يزيد بعد وفاتهما عما كان الحال عليه في الحياة الدُنيا وليس العكس، فالجدير بالذكر أن فلذة الكبد واللذان تركاه الأبوين ورحلا عنه يُعتبر استثمارهم الذي لا بُد وأن يكون صالحًا يدعو لهم بالمغفرة ويقوم باتباع ما أوصوه به.
فقد جاء في صحيح مُسلم بتحديثه على لسان الصحابي الجليل أبو هُريرة رضي الله عنه وأرضاه خليل الحبيب المُصطفى أنه قال:
“إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له ” [صحيح المسند].
فالدُعاء للأبوين في كُل وقتٍ وحين من أشد الأمور التي تُبين وتُعبر عن بر الوالدين، فالمرء إن كان أبويه أحياءً كانت طاعتهما أسهل وأكثر حضورًا في ذهنه، ومع الأسف نجد أن الكثيرين ينسون الدُعاء لآبائهم بعد فترة ليست بالطويلة من فُراقهم، لذا في حال ما كان والديك أحياءً برهما، اسعدهما وساعدهُما.
أما في حال ما توفى الله أحدهما أو كلاهُما فالزم الدُعاء في كُل وقتٍ وحين، وداوم على قول ما جاء في كتاب الله العزيز حين قال:
{ربَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}
[سورة إبراهيم: الآية رقم 41].
لا يفوتك أيضًا: افضل موضوع تعبير عن بر الوالدين
خاتمة موضوع بر الوالدين
الإسلام لم يحثنا إلا على القيام بما فيه لنا من خير، وهُناك من الخيرات ما لا يُعد ولا يُحصى فيما يخص بر الوالدين، وعلى النقيض تمامًا العقوق، فتحلى بأخلاق الإسلام، واجعل قول خير الأنام نُصب عينك حينما قال: “لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قاطِعٌ ” لذا مهما بلغت من الضيق لا تُسئ أبدًا لوالديك.
في ديننا الإسلامي الحنيف لا شيء يُضاهي في ثوابه وأجره بعد الإيمان بالله السعي في رضا الوالدين، فخاب وخسر من كان أدرك والديه خلال فترة الكبر ولم يبرهما ويدخل على إثر ذلك الجنة.